احفظ الله يحفظك
خطب للشيخ / د. أحمد فريد
روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي العباس عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف))[1].
وفي رواية غير الترمذي: ((احفظ الله تجده أمامك، تعرَّف على الله في الرخاء يعرفْك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا))[2].
قال الإمام ابن الجوزي في "صيد الخاطر": "تدبرتُ هذا الحديث فأدهشني حتى كدت أن أطيش، فواأسفًا من الجهل بهذا الحديث، وقلة التفهم لمعناه".
فهذا الحديث - عباد الله - الذي يرويه حبر الأمة وترجمان القرآن وابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل))[3] - وصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه عبدالله بن عباس، ومن خلاله يوصي الأمة كلها، يقول: ((يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك)).
وحفظ الله عز وجل: أن تحفظ حدود الله عز وجل وأن تحفظ حقوقه، وأن تحفظ أوامره ونواهيه، فالواجب على العبد - عباد الله - أن يحفظ الله عز وجل كما قال جل في علاه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238].
فمِن حفظِ الله عز وجل: أن تحافظ على الصلاة، كما قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: ((مَن حافظ عليها؛ كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومَن لم يحافظ عليها؛ لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة))[4].
ومن ذلك: حفظ الطهارة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن))[5].
ومن ذلك: أن يحفظ الرأس وما وعى، وأن يحفظ البطن وما حوى، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الاستحياء من الله حق الحياء، أن تحفظ الرأس وما وعى، وأن تحفظ البطن وما حوى))[6].